Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
19 août 2011 5 19 /08 /août /2011 04:16

Misere-sexuelleيعتبر المجتمع المغربي مجتمعا انتقاليا بامتياز، على المستوى الديموغرافي(انخفاض نسبة الخصوبة)، و السياسي (إصلاحات سياسية)، و الاقتصادي (الانفتاح على الأسواق العالمية) ، و الثقافي (تحولات عميقة على مستوى البنية الفكرية).  فالانتقال كان دائما مما هو تقليدي إلى ما هو حداثي. و لكن ، إلى جانب كل هذه الإنتقالات هناك انتقال لا نعيره أهمية كبيرة ، أو بالأحرى نتحاشى الخوض فيه نظرا لحساسيته و خصوصيات المجتمع المغربي : إنه الانتقال الجنسي.  

يلاحظ مجموعة من المهتمين بالشأن الجنسي بالمغرب، كالدكتور "عبد الصمد الديالمي"، أن المغرب يعرف انفجارا جنسيا يمكن أن نستشفه من خلال مجموعة المظاهر المجتعية: كتضخم العمل الجنسي بشقيه الذكوري و الأنثوي، ظهور علاقات جنسية خارج مؤسسات الزواج بين الشباب إما باسم الحب أو الوعد بالزواج أو باسم الرغبة أو   المتعة أو إثبات الذات. هذا الانفجار الجنسي، يعبر عن انتقال جنسي بمعنى أننا في مرحلة إنتقالية من نظام جنسي تقليدي كان يحاول أن يجعل من الواقع الجنسي مرآ ة للتعاليم الإسلامية إلى نظام جنسي حداثي له مرجعية أوسع من المرجعية الإسلامية و هي مرجعية حقوق الإنسان.

 تساهم في هذا الإنتقال مجموعة من العوامل أهمها انتشار و تمدد فترة التعليم، و بالتالي تأخر سن الزواج ما يجعل من مسألة الإمساك الجنسي مسألة صعبة ، إذا لم نقل مستحيلة. دخول المرأة سوق الشغل و استقلالها الاقتصادي، حيث تحررت من قيود الأسرة و مراقبتها. مساهمة الفضائيات و الانترنيت في تأجيج الرغبة الجنسية. اكتشاف حقوق الإنسان الجنسية و قيمة الإشباع الجنسي على المستوى النفسي و الاجتماعي. كل هذا أدى إلى الإقبال على الجنس بنهم و شره.

و كما يقول "إيميل دوركايم" في كتابه "الإنتحار" "كل المراحل الانتقالية تتسم بالأنوميا" أي اللامعيارية لان المجتمع يفقد كل قيمه و معاييره و يبدأ في البحث عن أخرى. فالمجتمع المغربي يعرف  مجموعة من المظاهر الجنسية المشوهة و التي تعبر عن سمات الإنتقال الجنسي: كالشعور بالإثم في كثير من حالات الجنس  غير الشرعي حيث غالبا ما تبكي الفتاة بعد أول علاقة جنسية لها خارج مؤسسة الزواج و تحس بإثم شديد و هذا ما يؤزم الشاب و يشعره بالإثم  باعتباره "قائد العملية الجنسية" ،  عدم اعتراف القانون بكل    السلوكات الجنسية الغير زوجية و تحريمها و تجريمها و بالتالي تغييب التربية الجنسية ، و هذا ما يدفع الشباب لسرقة لحظات جنسية بشكل سري، و في سرقة الجنس مجموعة من المخاطر الصحية (كالأمراض المتنقلة جنسيا و السيدا)

و الإجتماعية (كالحمل غيرالمرغوب فيه).هناك ايضا، انتشار الممارسات الجنسية السطحية. زد على ذلك إشكالية وفرة الجنس و شح الأمكنة( حيث يعاني الشباب من شح الأمكنة التي بإمكانهم ممارسة الجنس فيها، و هذا ما يدفعهم لممارسة الجنس في أمكنة غير مريحة بين أشجار الغابات أو وراء صخور البحر...) و هناك من يتحدث عن وفرة الأمكنة و شح الجنس ما قد يشكل أزمة نفسية لمجموعة من الشباب.

إن الشباب المغربي يعيش أزمة جنسية بمعنى الكلمة يحاول حلها بكل ما أتيح من   خدع اجتماعية: كالعلاقات الجنسية المحبوكة بالحب و وعود الزواج ،أو  ابتكار مجموعة من الوضعيات الجنسية التي تحول دون فض بكارة الشابة كالممارسات السطحية أو من الدبر، و هناك من يستعين بالعادة الجنسية (بالنسبة للجنسين) رغم أن هذا الحل تكون له مجموعة من التداعيات السلبية على المستوى النفسي (الإحساس بالذنب)، و كذا على مستوى الميكانيزم الجنسي، حيث لا تكون الغاية من العملية الاستمتاع بل القذف، و هذا ما يتمخض عنه مشكل القذف  السريع بالنسبة للرجال أو الرعشة القصوى السريعة بالنسبة للنساء. هناك أيضا من يختار العاملات الجنسيات كحل للأزمة ، حيث تكون أول تجارب الشباب الجنسية معهن، إلا أن المسألة تتم في اضطراب شديد نظرا لغياب تفاعل الطرف الآخر و الخوف...  كما أن مقاربة الشاب تكون كمية القذف و ليس منهجية الاستمتاع و الإمتاع و هذا ما يرسخه عنده عادة جنسية سيئة.

هذا الانفجار الجنسي لا يجب مقاربته أخلاقيا، أي النظر له كزيغ عن الطريق الصحيح أو انحراف أخلاقي، لأنه انتقال طبيعي من جنسانية قائمة على أساس مرجعية دينية إسلامية إلى جنساية كونية قائمة على حقوق الإنسان. كما أن المجتمع الإسلامي، ككل المجتمعات الإنسانية، لم يعرف في يوم من الأيام غيابا للعلاقات الجنسية التي نصفها بالإنحرافية أو عودة للجاهلية : كعلاقة رجل و امرأة خارج مؤسسة الزواج أو علاقة جنسية بين رجل و رجل أو بين امرأة و امرأة أو بين الإنسان و الحيوان. لم يكن هناك في تاريخ الإنسانية مجتمع نقي جنسيا و للتأكد بالنسبة للمجتمعات الإسلامية يمكن العودة لكتب الباه.

للمجتمع المغربي مجموعة من القوانين الدينية و المدنية الخاصة بالجنس المعروفة لدى الجميع، لكنها تخرق يوميا كما أن القمع و المنع لا يزيد سوى من تأججها . فالوسيلة إذن هي التربية الجنسية القائمة على مرجعية حقوق الإنسان، لأن المنع و الكبت و القمع يدفع الكثير من الشباب لسرقة الجنس و في سرقة الجنس كما قلنا مخاطر صحية و اجتماعية.

التربية الجنسية حاضرة و بقوة داخل العائلات المغربية و لكن لا تحقق أهدافها حسب تعبير "نعمان كسوس". فغالبية العائلات المغربية يلقنون تربية جنسية سلبية مؤطرة بحائين: حشومة/حرام.

بالنسبة للفتيات التربية الجنسية تعبر عن نفسها من خلال الممنوعات لا تفعل هذا لا تظهر لا تنصت لجسدك أخفيه حفاظا على عذريتك.كما أن على الفتاة كبث كل مشاعرها و رغباتها و ليس لها الحق في التعبير عنها. و إن فعلت فستنعت بالمنحرفة و اللاطبيعية.

 من خلال هذه التربية الجنسية الملقنة أولا من الطرف الأم ثم ثانيا من طرف المحيط، تستدمج الطفلة منذ نعومة أظافرها فكرة : أن جسدها مصدر للمتاعب و المشاكل و بإمكانها أن تكون أيضا مصدر عار للأسرة. هذه التربية الجنسية تصمها إلى درجة أنها غير قادرة على تحمل مسؤوليات جسدها لوحدها كما تحول هذه التربية دون تألقها النفسي و الاجتماعي  خلال مرحلة البلوغ. كما تعيش الفتاة أزمة نفسية و اجتماعية خلال مرحلة المراهقة حيث تصبح  مهووسة بفكرة أنها أصبحت موضوعا جنسيا بامتياز ، أي أنها أضحت جسدا قادرا على الولادة  . أصبحت تحمل شرف الأسرة.

في المدرسة ،بالنسبة للفتيات المحظوظات، فعلوم الأرض و الحياة لا تبتدئ إلا في السنة الثانية  إعدادي أي بعد مرحلة البلوغ. في هذه الدروس يكون هناك فقط حديث عن مراحل النمو و التغيرات الفيزيولوجية التي يعرفها الجسد خلال مرحلة البلوغ. لكن هذا يبقى نظري و مسيج بالحشمة. و هذا ما يجعل التلاميذ يحضرون حصصا من الخيال العلمي.

أما بالنسبة للفتيان فالأمر أكثر مأساوية على حد تعبير "نعمان كسوس" حيث ليست هناك محظورات (باستثناء بعد المحظورات التي تلقن بطريقة غير مباشرة كعدم المس بالأخوات و بنات العم). خطاب الأم  و الأب يبقى تماما غائبا و يوجه الفتيان بطريقة غير مباشرة نحو جنسانية مفرطة.

رغم كون الفتاة تعيش مأساة في مرحلة البلوغ فهي تستفيد من مساعدة محيطها النسائي. فالنساء يتحدثن فيما بينهن عن حياتهن و تجاربهن الجنسية. و إذا كانت الفتاة لا تتلقى شروحات مباشرة فإنها تستطيع التقاطها من محيطها النسائي. أما الفتى فيكون أمام صمت كبير في ما يخص التطورات التي يعرفها جسده ، فغالبا ما تكون الأم غير قادرة على تقديم شروحات كافية، كما أن هناك حواجز تعيق الحوار بالنسبة للأب.إن الفتى يمر بأزمة حادة يميزها القلق و العزلة من دون أن يستطيع أحدهم الجواب عن أسئلته الكثيرة. و بهذا يصبح خطاب الشارع مصدر معرفته الأول و الوحيد. إلا أن الٌأقران من الذكور لا يتكلمون بصدق عن تجاربهم الجنسية. و ذلك لكونهم ضحايا أسطورة الفحولة و أمام ما يسمعه المراهق من بطولات جنسية كاذبة و خيالية يشعر بالفشل و الخيبة و يعيش أيضا فشلا مرتبطا بمكانيزماته الجنسية. و أول تجارب الفتى الجنسية تكون مع عاملة جنسية التي تساعده على اكتشاف هذا العالم الغامض و غالبا ما تكون هذه التجربة الأولى مميزة بقذف سريع لأن الفتىيكون خائفا و غير مستعد  و لا يعيش التجربة بحثا عن الجودة بل عن الكم. فهو لا يبحث في علاقته على الإستمتاع و إشباع رغبة شريكه بل عن التفوق.

إلى حد اليوم تغيب خطة واضحة و صريحة لإدماج التربية الجنسية بمعناها الحقيقي (كتقنيات و أعضاء و إنجاب و وقاية و قيم مدنية و أخلاقية) داخل منظومتنا التربوية. كما تغيب خطة سياسية تدافع عن ضرورة إدماج التربية الجنسية في المجتمع المغربي حتى لدى الجمعيات و الأحزاب التي تدعي التقدمية و تعتبر حقوق الإنسان مرجعيتها. و يبقى الشباب المغربي يعاني من مشاكل جنسية اجتماعية كالقذف السريع و البرود الجنسي و الحمل غير المرغوب فيه و تداعياته الاجتماعية و الصحية عند محاولة الإجهاض السرية . زد على ذلك العدد المتنامي للمصابين بأداء فقدان المناعة و الأمراض الجنسية أخرى. و بهذا فالانتقال الجنسي بالمغرب طال  و طالت أزمة الشباب الجنسية في غياب تربية جنسية و سياسية جنسية واضحة و فعالة.

Partager cet article
Repost0

commentaires

ح
موضوع قيم، لكن وضعه على أرض الواقع صعب، لأن الشباب ربما يعيش انفصام في قراراته، يويد الحق الطبيعي لممارسة حياته الجنسة و بالموازات مع ذلك يتشبث بالعادات و التقاليد سبب الأزمه .
Répondre